مزادات البنك المركزي والودائع الخارجية.. لماذا لم يتحسن سعر الصرف؟

الجنوب اونلاين– خاص
رغم استمرار البنك المركزي بالعاصمة عدن في طرح مزادات العملة الأجنبية بشكل منتظم، إلا أن سعر الصرف لم يشهد تحسنًا يُذكر، بل سجل تراجعًا إضافيًا أثّر بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحلية، كما أن الودائع السعودية، التي يُفترض أن تساهم في دعم استقرار العملة وتخفيف الضغوط الاقتصادية، لم تنجح في تحقيق النتائج المرجوة. فما أسباب ذلك؟
المزادات المتكررة.. غياب التأثير المتوقع
منذ أكثر من عامين، يعتمد البنك المركزي في عدن على آلية المزادات العلنية لبيع العملة الأجنبية، كإحدى أدواته لمواجهة تدهور قيمة الريال اليمني. تهدف هذه الخطوة إلى ضبط سوق الصرف، وتوفير الدولار للمستوردين بأسعار مستقرة بعيدًا عن المضاربات في السوق السوداء. ومع ذلك، فإن الواقع يعكس صورة مغايرة:
استمرار ارتفاع سعر الدولار رغم ضخ العملات الأجنبية بانتظام.
ضعف تأثير المزادات على خفض الأسعار، حيث لا تزال المواد الغذائية والوقود تشهد زيادات متواصلة.
زيادة الطلب على الدولار بسبب الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، ما يقلل من تأثير أي عمليات بيع رسمية.
لماذا لم تحقق المزادات أهدافها؟
ضعف الثقة في الاقتصاد:
رغم تدخل البنك المركزي، فإن السوق يظل متأثرًا بعوامل أخرى، أبرزها انعدام الثقة في مستقبل الاقتصاد، ما يدفع التجار والمستثمرين إلى اكتناز الدولار تحسبًا لأي انهيار جديد.
المضاربة في السوق السوداء:
لا تزال السوق السوداء تهيمن على تداول العملات، حيث يفضل بعض التجار والمضاربين شراء الدولار من السوق السوداء رغم ارتفاع سعره، بسبب سهولة الحصول عليه مقارنة بالمزادات الرسمية التي تتطلب إجراءات مصرفية طويلة.
ضعف الرقابة على تدفقات الأموال:
كثير من الدولارات التي يتم ضخها عبر المزادات لا تصل إلى المستوردين الفعليين، بل يتم إعادة تدويرها في السوق الموازية، ما يعيد الضغط على سعر الصرف.
الودائع الخارجية.. لماذا لم تنجح في إنقاذ الريال؟
قدمت المملكة العربية السعودية ودائع بمليارات الدولارات لدعم البنك المركزي اليمني، وكان يُفترض أن تساهم هذه الأموال في استقرار سعر الصرف وتمويل استيراد السلع الأساسية. ومع ذلك، فإن الأسعار في السوق المحلية واصلت ارتفاعها، مما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية استخدام هذه الودائع.
أسباب عدم تأثير الودائع على الاستقرار الاقتصادي
الاستخدام غير الفعّال للودائع:
بدلاً من توجيهها بشكل مباشر لدعم استيراد السلع الأساسية، يتم استخدام هذه الأموال غالبًا في سد عجز ميزان المدفوعات أو تسديد التزامات أخرى، مما يقلل من تأثيرها على استقرار السوق.
استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية:
حتى مع وجود دعم خارجي، فإن الانقسامات السياسية وعدم الاستقرار يؤثران سلبًا على أي محاولات لتعزيز قيمة العملة المحلية.
غياب إصلاحات اقتصادية حقيقية:
الدعم الخارجي قد يخفف الأزمة مؤقتًا، لكنه ليس حلًا طويل الأمد. ما لم يتم تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية حقيقية، فإن تأثير الودائع سيظل محدودًا، وسرعان ما تتلاشى فائدتها.
الحلول المطلوبة
في ظل هذا الوضع، يصبح من الضروري إعادة تقييم سياسات البنك المركزي وآليات استخدام الدعم الخارجي. ومن بين الحلول التي قد تساعد في تحسين الأوضاع:
تشديد الرقابة على سوق الصرف للحد من المضاربة وضمان وصول العملة الأجنبية إلى المستوردين الحقيقيين.
إصلاحات اقتصادية جذرية تشمل تحسين الإيرادات المحلية وترشيد الإنفاق العام لتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي.
تعزيز الشفافية في استخدام الودائع لضمان توجيهها إلى القطاعات الأكثر احتياجًا، مثل استيراد الغذاء والوقود.
في النهاية، تبقى معالجة أزمة الصرف رهينة بإصلاحات أعمق تتجاوز الحلول المؤقتة، إذ إن استمرار المزادات وضخ الودائع دون سياسات اقتصادية فعالة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور.