اخبــار محليـة

صحيفة أمريكية: الحوثيون لا يفهمون إلا لغة الردع والدبلوماسية وحدها لا تكفي

الجنوب أونلاين|ذا ناشيونال إنترست
بقلم: مارك دوبويتز وكوبي جوتليب

حتى يدرك الحوثيون تكلفة عدوانهم، سيواصل هذا الفصيل الإسلامي اليمني تهديد الاستقرار في البحر الأحمر.

بينما تلعق إيران وحزب الله جراحهما بعد صدامات مكلفة مع إسرائيل، لا يزال أحد أخطر وكلاء طهران، الحوثيون، يُمطر الدولة اليهودية بالصواريخ. ففي 22 يوليو، أطلق الحوثيون صاروخًا باليستيًا باتجاه مطار بن غوريون، بعد إطلاق صاروخ آخر قبل ذلك بأربعة أيام فقط. هذه ليست استفزازات فردية، بل رسالة واضحة: الحوثيون غير رادعين.

رد واشنطن اتبع النمط المعتاد — وهو نمط فشل مرارًا وتكرارًا. مثلما فعلت السعودية سابقًا، اتبعت الولايات المتحدة المسار الدبلوماسي، مقدمة عروضًا للهدنة وحوافز على أمل أن يتوقف الحوثيون. إلا أن التاريخ يخبرنا بغير ذلك: فالحوثيون يعتبرون كل هدنة فرصة لإعادة التسلح، وإعادة التنظيم، والعودة إلى القتال بقوة أكبر.

بدلاً من سياسة الاسترضاء، يجب على الولايات المتحدة أن تتبنى حملة مستمرة من العقوبات والضغط الدبلوماسي، وعند الحاجة، استخدام القوة العسكرية. أي شيء أقل من ذلك سيؤدي إلى المزيد من إراقة الدماء.

هذا ليس مجرد شأن يخص إسرائيل. فقد شن الحوثيون عشرات الهجمات على الشحن المدني في البحر الأحمر، مما تسبب في فوضى بسلاسل الإمداد العالمية وهدد أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم. هذه الهجمات تتحدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حرية الملاحة — وهو مبدأ أساسي لازدهار العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

في مايو، ساعدت واشنطن في التوسط لوقف إطلاق النار عبر سلطنة عُمان. وكان الهدف واضحًا: إنهاء الهجمات على الشحن الدولي. لكن خلال أسابيع، خرقت الميليشيا الاتفاق. ففي 7 و9 يوليو، ضرب الحوثيون سفينتين تجاريتين، ما أسفر عن مقتل ثلاثة بحارة، وأفادت التقارير أنهم أخذوا ستة آخرين كرهائن.

حتى السعودية، في وقت من الأوقات، كانت تعتقد أنها تستطيع التفاوض مع الحوثيين. فبعد دخولها الحرب الأهلية اليمنية في عام 2015 للدفاع عن الحكومة المعترف بها دوليًا، وجدت الرياض نفسها في طريق مسدود مرهق. وتحوّل الصراع إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وجاءت ردة الفعل سريعة.

بحلول عام 2020، كانت نظرة الرأي العام الأمريكي تجاه السعودية في أدنى مستوياتها. وكمرشح، تعهد جو بايدن بجعل الحكومة السعودية “منبوذة”. وكـرئيس، قلّص مبيعات الأسلحة وألغى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، الذي أقرته إدارة ترامب.

ومع ذلك، في الوقت الذي خفف فيه بايدن من السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين، لم يبدِ الحوثيون أي رد إيجابي.

كما أشار السفير مايكل راتني، السفير الأمريكي السابق لدى السعودية، في بودكاست “انهيار إيران” التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، فإن هجمات الحوثيين على المدن والمطارات والبنية التحتية للطاقة السعودية لم تسبب أضرارًا فورية فقط — بل عرضت للخطر خطط المملكة التنموية طويلة الأمد.

في عام 2022، أبرمت الرياض اتفاقًا لوقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر مع الحوثيين، وامتنعت بشكل لافت عن الرد حتى بعد أن شن الحوثيون هجمات بطائرات مسيرة على بنية تحتية يمنية حساسة. وتتلخص العقيدة الإقليمية السعودية الجديدة في جملة واحدة: خفّف التصعيد، لا تُصعّد.

لكن هذه العقيدة لا تعمل إلا إذا كان العدو يشارك نفس الهدف. والحوثيون لا يفعلون ذلك. لقد عرقلوا مفاوضات السلام، وفرضوا حظرًا نفطيًا على اليمن، واستمروا في تهريب أسلحة متقدمة — بما في ذلك مكونات صواريخ — من إيران.

والأسوأ، أن الحوثيين صعّدوا من عدوانهم بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. فقد أطلقوا صواريخ على إسرائيل، وخطفوا سفينة “غالاكسي ليدر” وطاقمها المكون من 25 فردًا، وشنوا أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية. وبين أكتوبر 2023 ويناير 2025، أطلقوا مئات القذائف باتجاه إسرائيل — كل ذلك في الوقت الذي كانوا يتمتعون فيه بهدنة مع السعودية ويعززون قدراتهم.

وللإنصاف، ردّت الولايات المتحدة في مارس 2025 بعملية “راكب خشن – Rough Rider”، وهي حملة عسكرية استهدفت أكثر من 1000 موقع، وقتلت قيادات بارزة في الحوثيين، وأضعفت قدراتهم العملياتية. لكن بحلول أوائل مايو، كانت واشنطن تسعى مجددًا لهدنة. وصرح الرئيس دونالد ترامب بأنه “سيأخذ كلامهم [الحوثيين] على محمل الثقة” بأنهم سيتوقفون عن مهاجمة السفن.

بعد شهرين، أصبح هذا الكلام بلا قيمة. عاد الحوثيون لقتل المدنيين وأخذ الرهائن.

هذه هي الكلفة الحقيقية لـ”خفض التصعيد بأي ثمن”. إنها ترسل رسالة بأن العنف يُكافأ — وأن خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع أقوى جيش في العالم لا يحمل عواقب حقيقية. الحوثيون يعلمون أنه طالما قدموا وعودًا غامضة، فإن الولايات المتحدة ستتردد في اتخاذ إجراءات حاسمة.

لقد رأينا هذا السيناريو من قبل — مع إيران نفسها. لسنوات، خدعت طهران المجتمع الدولي بمفاوضات نووية لا تنتهي بينما كانت تواصل تطوير برنامجها النووي. ثم، في تحول مفاجئ، دعم ترامب الضربات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية النووية الإيرانية، وأمر القاذفات الأمريكية بتدمير ثلاثة أهداف رئيسية عندما أخفقت إيران في الالتزام بمهلة التوصل إلى اتفاق.

ذلك النوع من الحزم يُحدث فرقًا. لكن الحزم يتطلب الاستعداد. يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للتحرك عندما يفشل المسار الدبلوماسي. عليها أن تُملي وتيرة الأحداث — لا أن تتركها للحوثيين أو إيران.

حتى يؤمن الحوثيون بأن هناك ثمنًا حقيقيًا لعدوانهم — ثمنًا بالعقوبات، والتكاليف العسكرية، والعزلة الدبلوماسية — سيواصلون طريق الحرب. يجب أن تُكتسب الهدنات، لا أن تُمنح. والصفقات مع الإرهابيين ليست صفقات على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى