اليوم العالمي للشباب: تمكين الشباب ضرورة وطنية ملحّة

كتب/ مناف الكلدي:
في 12 أغسطس من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للشباب، الذي يسلط الضوء على أهمية دور الشباب في التنمية والسلام وبناء المستقبل حيث يأتي هذا اليوم في ظل تحديات متزايدة يواجهها شباب الجنوب، حيث تعاني هذه الفئة العمرية من أزمات اقتصادية وتعليمية واجتماعية أثرت بشكل مباشر على طموحاتهم وأحلامهم.
الشباب هم عماد أي مجتمع وساس بنائه القوي، فهم طاقة التغيير ومحرك التنمية وروح الإبداع وأمل المستقبل.
في الجنوب، يواجه الشباب واقعًا مريرًا من البطالة التي تجاوزت نسبة 50%، وفرص التعليم المحدودة، وهجرة العقول، وظروف الحرب وعدم الاستقرار التي تدفع الكثير منهم إلى خيارات صعبة مثل الهجرة غير الشرعية أو الانخراط في أعمال محفوفة بالمخاطر.
الأمم المتحدة كانت رائدة في تسليط الضوء على أهمية الشباب عبر قرارات ومبادرات عدة، من أبرزها القرار رقم 2250 الصادر عن مجلس الأمن في 2015، والذي يُعد نقلة نوعية في الاعتراف بالدور الحيوي للشباب في بناء السلام والحفاظ عليه. هذا القرار يؤكد على ضرورة مشاركة الشباب في عمليات السلام والحلول السياسية وإعادة الإعمار، كما يدعو إلى تمكينهم واحترام حقوقهم ودمجهم في جهود التنمية وصنع القرار.
تأتي كذلك القرار 2419 لعام 2018 ليعزز هذا التوجه، من خلال التركيز على دور الشباب في حفظ السلام، والمصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، ويدعو إلى توفير برامج تمكين اقتصادية واجتماعية وثقافية تضمن مشاركة فعالة للشباب في بناء مجتمعات مستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999 القرار رقم 54/120 الذي خصص يوم 12 أغسطس كيوم عالمي للشباب، لتعزيز وعي الشباب بقضاياهم وتحفيز مشاركتهم في التنمية والسلام حول العالم.
ورغم كل هذه القرارات والدعوات، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه الكلمات والقرارات إلى واقع ملموس على الأرض، خاصة في بلدان تعاني من أزمات معقدة مثل اليمن، فدور الأمم المتحدة والدول الفاعلة يجب أن يتمثل في دعم سياسات وبرامج عملية تتيح للشباب فرص التعليم والتدريب والعمل الكريم، وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في صنع القرار الوطني.
اليوم، في اليوم العالمي للشباب، لا يحتاج الشباب إلى خطابات مكررة أو شعارات بلا أثر، بل إلى خطوات فعلية تعيد لهم مكانتهم وتفتح لهم أبواب الأمل فالاستثمار في الشباب هو استثمار في مستقبل الوطن، وإهمالهم يساوي هدرًا لأغلى مواردنا البشرية.
وفي اليوم العالمي للشباب، أتوجه بتحية خاصة إلى شباب الجنوب الأصيل، الذين رغم كل الصعوبات والتحديات يواصلون صمودهم وعزيمتهم في بناء مستقبل أفضل.
وأدعو الشباب، وأنا منهم، أن يكونوا صانعي التغيير الحقيقي، لا ينتظرون العون، بل يطالبون بحقوقهم بثبات وإصرار، حاملين مشعل الثقافة والمعرفة، ومشاركين بفاعلية في صنع القرار، وقوةً تبني الوطن وتحمي مكتسباته.
وختاما فإن النضال من أجل الجنوب لا يكتمل إلا بمشاركة الشباب الفاعلة، وبصمودهم الثابت على أرضهم، فهم الأمل والأساس. فليكن كل يوم من حياتهم يوم انتصار، وكل خطوة نحو المستقبل بداية طريق الحرية والكرامة والتنمية.