أبين.. خاصرة الجنوب التي أنهكها العبث

بقلم علي سيقلي
أبين، تلك الأرض التي تشبه وجه الجنوب حين يبتسم بعد عناء، تدفع منذ عقود ضريبة جغرافيتها وموقعها الذي أغرى كل عابرٍ للخراب.
هذه المحافظة الطيبة لم تكن يوماً إلا عنواناً للوفاء، غير أن بعض الجهات المشبوهة قررت أن تجعل منها “حديقتها الخلفية” لتصريف شرور الإرهاب، ومستنقعاً لتصفية الحسابات بين المشاريع المتناقضة.
منذ أن وطأتها أقدام الغرباء ـ من أفغانٍ وباكستانيين وعربٍ مغسولي العقول ـ تحولت أبين إلى ساحة لتجارب دامية:
جاءها “المجاهدون” باسم الدين، و”المحررون” باسم الجنوب، و”المتطرفون” باسم العدل، ولم يتركوا خلفهم سوى رماد القرى ودموع الأمهات وصور الشهداء المعلقة على جدران الصبر.
أبين لم تكن يوماً حاضنة للإرهاب، بل كانت ضحية له.
هي التي فتحت ذراعيها لكل من فرّ من نيران الحرب، لكنها لم تجد من يرد لها الجميل حين اشتعلت النيران في بيوتها.
أبين اليوم تدفع ثمن الخيانة، ثمن الصمت، وثمن أولئك الذين أرادوا تحويلها إلى “منطقة عازلة” لمعارك لا تخص أبناءها.
يكفي عبثاً بأبين،
يكفي أن تُستغل طهارتها لتلميع مشاريع الفوضى، وأن يُستدرج شبابها إلى أتون معارك خاسرة.
أبين ليست بحاجة إلى وصاية ولا إلى سماسرة السياسة ولا إلى من يلوّح باسمها عند كل أزمة.
هي بحاجة إلى دولة تحترم دماء أبنائها، وإلى قيادة تضع أمنها واستقرارها في صدارة الأولويات، لا أن تُترك نهباً بين الجماعات والسلاح والمخططات.
أبين اليوم على مفترق طريقين:
إما أن تستعيد دورها كمحافظة للسلام والكرامة، وإما أن تظل فخاً مفتوحاً لمشاريع الإرهاب التي تتجدد كلما غابت الدولة وتخلف العقل.
فلنقلها بوضوح:
أبين ليست “حديقة خلفية” لأحد، وليست خاصرة رخوة للجنوب.
هي القلب الذي نزف كثيراً، ويكفيه ما نُزف.
ارحموا أبين..
وارحموا الجنوب من غباء المتاجرين بها.




