وثيقة تكشف مساعي السعودية لشراء حضرموت والمهرة !!
الحلم السعودي القديم والازلي يعود إلينا من جديد وكأن التاريخ يعيد نفسه إلى ما قبل استقلال دولة الجنوب عن بريطانيا عام 1967م
إقرأ اطماع السعودية في الجنوب ومحاولتها القديمة والمتجددة بفصل حضرموت والمهرة عن الجنوب وضمها الى السعودية تحت مساعدة بعض العصابات وبعض السلاطين كما يطلقون على أنفسهم ..
👇🏻
كانت صحيفة الجمهورية المصرية قد نشرت في عددها رقم 481 بتاريخ 23 فبراير 1967م، تصريحاً وصف بالناري لعبدالقوي مكاوي رئيس حكومة اتحاد الجنوب العربي في 1963م، حذر فيه من سعي (فيصل بن عبدالعزيز) ملك السعودية آنذاك إلى شراء الجنوب وفصل حضرموت عن الجنوب لضمها إلى السعودية. وكشف مكاوي عن ما أسماه بـ (مؤامرة انجليزية سعودية لفصل حضرموت عن الجنوب وضمها للأراضي السعودية).
وأشارت الوثيقة عن مكاوي قوله (ان المخطط يأتي بعد خروج القوات البريطانية من المنطقة، وهذا الدور يلعبه أيضا سلطان سلطنة الكثيري بحضرموت وشريف بيحان والمستشار البريطاني.) وتضمنت الوثيقة
– تصريح مكاوي (هؤلاء الثلاثة قاموا بدور كبير لتجنيد عدد من أبناء القبائل والسلاطين في المنطقة وتدريبهم في نجران وضمهم إلى جيش المرتزقة.. والأسلحة التي اشتراها فيصل من أمريكا وبريطانيا موجهة ضد ثورة أكتوبر في الجنوب .
وأشار باحثون إلى أن تلك التصريحات كانت السبب في تدبير السعودية جريمة اغتيال الانجال الثلاثة لرئيس الحكومة عبدالقوي مكاوي وشقيقته ( نسف منزلهم وقتل جميع من فيه)،
وذكر علي السلامي عضو مجلس قيادة جبهة التحرير أن أحد السلاطين قام بزيارة السعودية وعرض علي الملك فيصل أسماء أعضاء العصابة التي أشرفت على نسف منزل عبد القوي مكاوي مما أدى إلى استشهاد أبنائه الثلاثة وشقيقته.. حيث وافق الملك فيصل على تمويلها ومنح أفرادها المنفذين مرتبات ثابتة.
– ومن أجل أن تحقق السعودية أهدافها في حضرموت والمهرة عملت على سياسة الاحتواء من خلال احتضان ودعم رابطة أبناء الجنوب وعلى وجه الخصوص فرع الرابطة في حضرموت، وأيضا الاهتمام بالمهاجرين الحضارم داخل المملكة العربية السعودية وإعطاء التسهيلات لاستقبال أعداد جديدة من المهاجرين الحضارم ما بين الفترة 1960م وبعدها، والقيام بالضغط وبدعم أمريكي على بريطانيا لمنع دخول محمية عدن الشرقية حضرموت والمهرة في اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي أسسته بريطانيا سنة 1959م ، والتحضير لفتح فرع للبنك الأهلي التجاري السعودي في مدينة المكلا، وتنفيذ مشاريع خدمية لبعض مدن حضرموت بتمويل سعودي، وإرسال بعثة تعليمية إلى حضرموت مكونة من ثلاثين مدرسا نهاية عام 1964م
– التدخل الأمريكي لصالح السعودية:
ولتعزيز تلك العلاقات حقق الأمريكيون نصرا اقتصاديا في حضرموت بالضغط على بريطانيا والسلطتين الكثيرية والقعيطية لإلغاء الامتياز الممنوح للشركة البريطانية للتنقيب عن النفط في حضرموت واستبدالها بشركة (بان أمريكان) وقد تمت المفاوضات الأولية بين وفد الشركة الأمريكية وسلطنتي الكثيري والقعيطي في يونيو 1961م وبعدها بشهر وقعت الاتفاقية النهائية في المكلا، ويعتبر إلغاء عقد التنقيب عن النفط للشركة البريطانية واستبدالها بشركة أمريكية عملا لصالح السعودية في حضرموت لما سوف يترتب عليه من عدم جدية الشركة الأمريكية في التنقيب عن النفط في حضرموت استقلال ذاتي .
مع اندلاع ثورة 14 اكتوبر 1963م في الجنوب ضد المحتل البريطاني وتسارع الأعمال العسكرية والفدائية للجبهة القومية ضد الانجليز سعت المملكة العربية السعودية إلى الاستحواذ على حضرموت بإقامة علاقات سياسية واقتصادية مع سلاطينها ومحاولة فصلها عن الجنوب وإعطائها استقلالاً ذاتياً ويتمثل ذلك بزيارة وفد سعودي للمكلا عام 1965م ولقائه وزير السلطنة القعيطية والاتفاق معه للضغط على بريطانيا بإعطاء حضرموت والمهرة استقلالاً خارج إطار اتحاد الجنوب العربي وأن تكون هناك علاقات خاصة ومتميزة مع المملكة العربية السعودية .
– فمنذ عام 2015م حرصت السعودية على إبقاء حضرموت، الوادي والصحراء، بعيدة عن الصراع، لإدراكها أن القوات الموجودة هناك موالية لها، وأن لا صعوبات بالنسبة إليها في نشر أي قوات عسكرية لها هناك، على عكس المهرة التي ترفض ذلك الوجود وتصفه بالاحتلال.
فالرياض حاولت مطلع ستينيات القرن الماضي إلحاق ثمود النفطية بأراضيها ، بعد أن أثبتت شركة ” بان أمريكان ” عام 1961م، وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود ، وهو الأمر الذي أثار رغبة السعودية في ضم المديرية إليها حينذاك ، وعلى إثرها توقفت شركة “بان أمريكان” ، إلا أن الرياض لم تتوقف عن محاولات ضم وإلحاق المديرية بها بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية ، ووفقاً للمصادر التاريخية فقد أوعزت الرياض لأحد تجار حضرموت الحاملين الجنسية السعودية ويدعى ” أحمد سعيد بقشان ” بالقيام بعملية شراء أراض واسعة في ثمود ،وبعد ذلك حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها الجبهة القومية عام 1967م، ولكن على مدى العقود الماضية وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود ، كما سبق لها ان أوقفت كافة أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية ، وها هي اليوم تعود إلى حضرموت تحت ذريعة
محاربة الحوثي وقطع يد إيران
– وهناك أهداف أخرى, منها ان دراسة جيولوجية صدرت قبل نحو 20 عاما باسم (الكنز المخفي في اليمن) عن شركات مسح عالمية متخصصة في الاستكشافات النفطية قد كشف عن وجود بحيرة نفطية هي الأكبر في الجزيرة العربية تقع ما بين محافظات مارب والجوف وحضرموت وشبوة وأبين, وتضم ثالث اكبر حقل نفطي في العالم, وإذا تم استثمار هذه المنطقة فإنه بإمكان اليمن ان يصدر ما مقداره (5.2 ) مليون برميل من هذه المنطقة وحدها ..
– الباخرة السعودية :
حينما كان المحتل البريطاني يلفظ أنفاسه الأخيرة في الجنوب كانت السعودية تسابق الزمن لتحقيق أطماعها السياسية والاقتصادية بحضرموت والمهرة، ففي سبتمبر 1967م وصل سلاطين حضرموت والمهرة إلي المملكة العربية السعودية بعد أن شاركوا في مؤتمر لندن الدستوري ولقاء جنيف بشأن استقلال الجنوب ، حيث قابل السلاطين أكثر من مسؤول سعودي وعاد السلاطين إلى مدينة المكلا على ظهر باخرة سعودية ومعهم مساعدات مالية سعودية لتعينهم على مواصلة الحكم في الفترة القادمة.
-فشل المخطط السعودي:
لكن الأحداث السياسية في الجنوب سارت في اتجاه مغاير لرغبات ومطامع السعودية وكذلك الأمريكية، ففي أثناء غياب السلاطين وقبيل وصولهم بليلة واحدة سيطرت الجبهة القومية وبمساعدة جيش البادية الحضرمي على السلطة في مدينة المكلا وضواحيها في 17 سبتمبر 1967م وحال وصول الباخرة السعودية ميناء المكلا المقلة لسلاطين حضرموت والمهرة منعت الجبهة القومية بمساعدة جيش البادية الحضرمي السلاطين من النزول من الباخرة بل وطُلب منهم عبر وفد أرسلته الجبهة القومية للسلاطين على ظهر الباخرة التوقيع على تنازلهم على الحكم، ولم يكن أمام السلاطين سوى خيارين إما التوقيع عن وثيقة التنازل والعودة إلى المملكة العربية السعودية أو الموت على ظهر الباخرة فاختاروا الخيار الأول ووقعوا على وثيقة التنازل وعادت الباخرة بهم إلى مدينة جدة السعودية كلاجئين سياسيين وليس سلاطين لحضرموت والمهرة، واستلمت الجبهة القومية مقاليد السلطة في كل من حضرموت والمهرة، لتتبخر المطامع السعودية في حضرموت والمهرة لتدخل العلاقات مرحلة جديدة ومغايرة بعد نيل الجنوب استقلاله بجلاء المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967 م.
وأمام هذا العرض التاريخي قديما لحضرموت والمهرة واستعراض وضعها السياسي في القرن العشرين ومطامع القوى الخارجية والمستعمر ندرك المطامع السعودية ومن خلفها الأمريكية المستميتة في سلخ حضرموت والمهرة عن دولة الجنوب ومحاولاتها المتعددة بشتى الطرق والوسائل لإيجاد لها موطئ قدم لها في أهم جزء استراتيجي واقتصادي في البلاد إضافة تسعى السعودية بكل ما تملك من قوة لإيجاد لها منفذ على ساحل بحر العرب ليكون بديل عن المرور في مضيق هرمز والتهديدات الإيرانية المستمرة ، لذلك فإن ما نشاهده اليوم لهو دليل واضح وشاهد حي على تلك المطامع القديمة التي تظهر الآن واضحة وجلية في محاولة السعودية السيطرة على حضرموت والمهرة وجزء من شبوة.