رآي وفكر

الأستاذ الدكتور حسين العاقل(موسوعة نضال، وتقصير في الاستحقاق)

د. أمين العلياني

في سفر التاريخ وذاكرة الشعوب غالبًا ما تكون صناديد من الرجال قد نحتوا بمبادئهم وقيمهم ونضالهم ووطنيتهم ومؤلفاتهم مسارًا ناصعًا في صفحات التاريخ، وجسدوا بمداد فكرهم وثبات مواقفهم من قضايا شعوبهم المصيرية في ذاكرة الخلود الوطني سجلًا تتعلم منه الأجيال، وتدرسه في المناهج التعليمية، ومن هنا يبرز اسمٌ حفر تاريخًا من النضال بماء الذهب في سجل التاريخ الجنوبي إنه المناضل الثوري، والمنظّر السياسي، والأكاديمي الفذ، والاقتصادي الحصيف، الأستاذ الدكتور حسين مثنى العاقل، الرجلٌ الذي جمع بين صَلابة الموقف، وبركان القلم، بين ثبات الجبال وحكمة الحكماء، فكان عَلَماً شامخاً في سماء الجنوب، ومناراً يُهتدى به في ظلمات المحن التي انتابت شعبنا الجنوبي من ويلات الاحتلال اليمني الشمالي الغاشم من عام 1994حتى اليوم.

النشأة:
وُلد الدكتور حسين مثنى مسعد العاقل عام 1956م في منطقة “قتد” بمديرية الشعيب، محافظة لحج سابقاً (والضالع حالياً)، في أحضان أسرة عريقة تفيض كرماً، وتتّقد نضالاً، وتُشيد صروح المجد بقيمها الأصيلة، ومنذ نعومة أظافره، نَشَأَ على عِزَّة النفس، وشُربَ من مناهل الكفاح، حتى صار عَلَماً من أعلام الثورة في جنوبنا الحبيب وما مر به من مراحل ومنعطفات، وسيفاً مُصلتاً في وجه الظلم والاحتلال اليمني الغاشم.

الرصيد النضالي:

لقد كان الدكتور العاقل شاهداً حيّاً على جراح الجنوب في منعطفات متعددة، فلم يكن مجرد راصدٍ للأحداث، بل كان فاعلاً فيها، ومُحركاً لها، ومُلهماً لمسارها، فمنذ حرب صيف 1994م، وصولاً وما تلاها من حركات مناهضة للظلم الذي حل بشعبه في الجنوب إلى حرب 2015م، ظلَّ الرجل صخرةً صلدةً لا تنكسر، وشعلةً متوقدةً لا تنطفئ.

  نضاله في مواجهة الاحتلال اليمني:  

وقف الدكتور العاقل في الصفوف الأولى، يُنظّر للثورة، ويُحرّض على المقاومة، ويكشف زيف المشاريع التآمرية التي أرادت طمس هوية الجنوب. فكان صوت الحقِّ المدوّي، والقلم الذي يفضح الفساد، والعقل الذي يُخطط للتحرير.

  • تحمُّله المضايقات والاعتقالات:
    لم تثنِه السجون، ولا التهديدات، ولا المطاردات، عن مواصلة دربه، فكان كلما اشتدت العواصف، ازداد إصراره، لأنَّ الوطن عنده ليس شعاراً، بل دمٌ يسري في العروق رغم الاغراءات التي حاولت قوات الاحتلال احتواءه ومحاولة إسكات صوته إلا أنه أبى وقال: لا وألف لا.

العطاء الأكاديمي:
لم يكن نضال الدكتور العاقل مقتصراً على الساحات السياسية، بل امتدَّ إلى الحقل الأكاديمي، حيث كان أستاذاً مُلهماً، ومربياً للأجيال، وباحثاً موسوعياً ومتخصصًا، فقد تخرَّج على يديه عشرات الكوادر التي تقود اليوم مؤسسات الدولة والتعليم، وكان نبراساً للعلم، وحارساً للهوية الجنوبية، ومنظّراً للتحرير الفكري وترسيخ مفهوم استعادة الوطن، قبل التحرير العسكري.

إسهاماته ومؤلفاته الفكرية:
دوَّن بمداده تاريخ الجنوب، وكشف فساد النظام اليمني الغاشم ونواياه في احتلال الجنوب واغتصاب أرضه وطمس هويته، وفي مجال النفط والثروات، فكان الضمير الحي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، فقد كشف العبث المهول في استباحة ثروات شعبه وتقاسمها بين عوائل الاحتلال والعبث بها دون حسيب أو رقيب موثقًا ذلك بأرقام وصور وشواهد تفصيلية تكون شاهدة للأجيال مستقبلا ليحذروا من اي تفكير بوحدة هكذا كانت هيمنتها على شعبنا واستعباد إرادتنا واستغلال مواردنا والعبث بها.

وبهذا يكون السبب فما ألفه من من كتب كي تُعدُّ مراجعّا أساسية في نشأة القضية الجنوبية من الانطلاق إلى بداية الحرب الأخيرة، وكتاب آخر عن فساد الثروات النفطية والمعادن يمكن أن يرجع إليها كل من يفكر بالعودة إلى باب اليمن.

الرمزية الوطنية:
الدكتور حسين العاقل ليس مجرد اسمٍ يُذكر، بل هو مدرسة نضالية، وذاكرة فكرية، وقيمة إنسانية وأسطورة نضالية، ففي سيرته تتجسّد أخلاق المناضل وحكمة المفكّر، فهو:

  • المناضل الذي لا يعرف المهادنة.
  • الأكاديمي الذي يرى في الوطن الأملَ الأكبر.
  • الاقتصادي الذي كشف منابع الفساد.
  • القيادي الذي آمن بأنَّ السلطة غيابٌ، والوطن حضورٌ.
    ومن هنا تراه قد جسّد بمواقفه جدلية الصراع بين الذات والوطن، فرفض أن يكون النضال مجرد تاريخٍ ذاتي، بل جعله مشروعًا تحرريًّا يُعيد للجنوب دولته، وللشعب كرامته تحت سقف دولة جنوبية فيدرالية مستقلة بحدود ما قبل عام 1990م وعاصمتها عدن. رسائل: رسالة إلى الزعيم الاستثنائي، الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي، قائد المشروع الجنوبي التحرري، وحامي قضية شعب الجنوب، ومُمثل إرادته:

رسالة إلى قيادة وأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي كل واحد باسمه وصفته:
أنصفوا رجلًا بحجم التاريخ؟

إنَّ التاريخ يُسجّل، والضمير يُنادي، والأجيال تترقب، فهل من لفتة انصاف إلى رجل مثل المناضل الدكتور حسين العاقل؟

إن الإجابة عن الرسائل يا رئيس رئيس المشروع الجنوبي يا صاحب العهد الخالد (عهد الرجال للرجال) تجد العدالة منك، ويتحقق الإنصاف على يديك، وقيمة الوفاء لمن ناضل وسجن واعتقل وما زال صامدًا كالطود ثابتًا بكل شيءٍ في سبيل أن يعيش الجنوبيون في وطنٍ حرٍّ كريم وتحت رعايتكم التي كانت نعمة من الله أنكم قبلتم التفويض الجماهيري الجنوبي الذي كنتم أهلا لقبوله وقدوة لتمثيله وكان قبولكم بقيادة المشروع هو الذي وحد الكلمة الجغرافيا والهدف الجنوبي المنشود، وغيب الأختلاف وان وجد الاختلاق من قوى ودول، فهو شيء حتمي أمام صاحب مشروع تحرير بوزنكم وحجم نضالكم وصاحب عهد خالد لشعبه تحمله بمسؤولية الشجاع المقتدر بهبات الله وعزيمة العظماء، العهد الذي لا تستطيع أن تحمله الجبال الرواسي .

ختامًا:
الدكتور حسين مثنى العاقل ليس مناضلًا بسيطًا، بل مناضلًا رسم تراب الوطن حياته انتصارًا لرغبة شعب وتحقيق حلمه في استعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة، فلتكن مكانته كما يستحق: رمزاً يُحتذى، وقامةً تُكرّم، وإرثاً يُخلّد.
وما زال الدكتور العاقل يُشعُّ بنضاله، كالشمس لا تغيب، وكالجبل لا ينهار، فنحن على ثقة أن رئيسًا لمشروع كبير بحجم الجنوب مثلك يا أبا القاسم نذر نفسه وعاهد شعبه ليحقق طموح تطلعاته في استعادة دولته الجنوبية كامل السيادة فإن الدكتور حسين العاقل ينال الثقة منكم ليكون بالمكان الذي يليق به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى