تحليل: هجوم إسرائيلي محتمل على البرنامج النووي الإيراني في عام 2025 قد يُغيّر الشرق الأوسط [ترجمة خاصة]

الجنوب اونلاين| ترجمة خاصة: جيروزاليم بوست:
لقد تغيرت الطريقة التي يمكن أن تهاجم بها إسرائيل وتدمر البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير خلال الأشهر التسعة الماضية، بل وأكثر خلال الأشهر القليلة الأخيرة.
ففي السابق، وتحديدًا قبل 19 أبريل، كان يُنظر إلى الهجوم على البرنامج النووي الإيراني كعملية نظرية، يمكن تنفيذها من خلال هجوم جوي يستخدم فيه سلاح الجو الإسرائيلي قدراته الشبحية لتدمير أنظمة الرادار المتقدمة المضادة للطائرات من طراز S-300 التابعة لإيران، تليها موجات من الضربات على المواقع النووية الرئيسية.
وكان من ضمن الأهداف أيضاً تعطيل منشأة فوردو النووية الواقعة تحت الأرض، عن طريق إسقاط سلسلة من القنابل زنة 5000 رطل أو أقل، واحدة تلو الأخرى على نفس النقطة.
وفي الأشهر الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن سلاح الجو الإسرائيلي دمّر أنظمة رادار S-300 الإيرانية في 19 أبريل، ثم استكمل المهمة في 26 أكتوبر.
هذا يعني أنه في أي لحظة يمكن لإسرائيل تنفيذ هجوم جوي على البرنامج النووي، إذ لم يعد هذا البرنامج محميًا فعليًا ضد مثل هذه الضربات – على الأقل في الوقت الراهن.
بمعنى آخر، ما كان يُعتبر مهمة محفوفة بالمخاطر قبل عام، أصبح الآن من الناحية العسكرية أقرب إلى أن يكون مُنجزًا جزئيًا، وما تبقى منه لا يزال في المتناول.
تهديدات إيران المحدودة لإسرائيل
كانت لدى إيران ثلاث وسائل غير مباشرة رئيسية لردع إسرائيل عن مهاجمة برنامجها النووي: التهديد بهجمات صاروخية من حماس وحزب الله، إضافة إلى صواريخ باليستية قوية وخطيرة من إيران نفسها.
لكن الجماعتين (حماس وحزب الله)، على الأقل في الوقت الحالي، تمران بحالة من الارتباك وعدم التنظيم، ما يجعلهما غير قادرتين على دعم إيران.
أما الجمهورية الإسلامية نفسها فقد أطلقت 300 صاروخ باليستي على إسرائيل في موجتين منفصلتين في 13-14 أبريل و1 أكتوبر، لكنها لم تتمكن من إلحاق ضرر كبير بالإسرائيليين أو بالقوة الجوية الإسرائيلية، رغم أنها أصابت بعض القواعد الجوية غير المأهولة.
وبدعم من الولايات المتحدة وتجربة فعلية لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي “آرو 2 و3″، نجحت إسرائيل في إسقاط الغالبية العظمى من الصواريخ الإيرانية.
تأييد ترامب المحتمل للهجوم الإسرائيلي
حتى قبل الانتخابات الأمريكية – وحتى في الأسبوع الماضي – لم يعد الهجوم على البرنامج النووي الإيراني يحمل نفس مستوى المخاطر، سواء من حيث العملية نفسها أو من ناحية الرد المحتمل من طهران.
وخلال الحملة الانتخابية، دعا الرئيس المنتخب دونالد ترامب علنًا إسرائيل لضرب المواقع النووية الإيرانية، ومنذ إعلان فوزه، أفادت تقارير بأنه استمر في دعم مثل هذا الهجوم في حال لم تتراجع طهران عن تطويرها النووي بشكل جدي. وقد أشارت عدة تقارير إلى أنه ربما يمنح إسرائيل أخيرًا قنابل خارقة للتحصينات لتنفيذ الهجوم.
ورغم أن ترامب لم يمنح هذه القدرة لإسرائيل في ولايته الأولى، فإن دعمه القوي الآن يخفف عنها كثيرًا من الضغوط الدبلوماسية التي كانت تخشاها من إدارة بايدن.
ويمكن الاعتماد على إدارة ترامب لتوفير مظلة دفاعية لإسرائيل من الصواريخ الباليستية الإيرانية في حال وقوع الهجوم – على عكس إدارة بايدن، التي كان موقفها غير واضح في مثل هذا السيناريو.
احتمال جديد: عملية كوماندوز في فوردو
كشفت الأحداث الأخيرة عن احتمال جديد لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، إذ يلتزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت التام بشأن احتمال تنفيذ عملية مشابهة لما حدث في منشأة “مصياف” الصاروخية تحت الأرض في سوريا.
فإذا تمكنت القوات الخاصة الإسرائيلية من التوغل في سوريا لمدة ثلاث ساعات بمشاركة 120 جنديًا لتدمير منشأة حساسة ومحصنة في عمق الأراضي السورية، فلماذا لا يكون بالإمكان تنفيذ عملية مشابهة في منشأة فوردو النووية؟
بات هناك احتمال علني بأن إسرائيل قد تقضي على منشآت إيران النووية إما عبر ضربات جوية أو عبر عملية خاصة للقوات الخاصة.
سوابق إسرائيلية
سبق لإسرائيل أن أعلنت مسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في قلب منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني في طهران في يوليو، وكذلك سرقة أسرار البرنامج النووي الإيراني من منشأة حساسة في طهران عام 2018 – إلى جانب تفجيرات اتهمت إيران الموساد بتنفيذها في منشآت نووية بين عامي 2020 و2021.
ويُعتقد أن قرار الجيش الإسرائيلي بكشف تفاصيل عملية مصياف علنًا كان رسالة مباشرة وواضحة لخصومه حول قدرته على الوصول إلى أي هدف استراتيجي – سواء تحت الأرض أو فوقها.
وجاء ذلك أيضًا بعد أن أفادت وكالة “رويترز” في نوفمبر أن إيران بدأت ببناء “نفق دفاعي” في طهران بعد الضربات الإسرائيلية في 26 أكتوبر.
عامل الوقت هو الأهم
عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ووزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، دعوا إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية في أكتوبر، بل وحتى الآن خلال فترة الانتقال بين إدارتي بايدن وترامب.
لكن بما أن الهجوم لم يحدث بعد، فمن الواضح – ووفقًا لمصادر – أن إسرائيل تفضّل الانتظار لترى كيف سيتعامل ترامب مع إيران من حيث التوقيت والاستراتيجية.
كل ما حدث منذ أبريل وحتى الأسبوع الماضي، بما في ذلك الكشف عن عملية مصياف، يؤكد بشكل قاطع: إذا قررت إسرائيل مهاجمة البرنامج النووي الإيراني، فإنها تستطيع تنفيذ ذلك، وبأكثر من طريقة.
ويبقى السؤال الوحيد هو: كم من الوقت أمام إيران للتراجع وتفادي الضربة؟ شهر؟ عدة أشهر؟ أم سنة؟