رآي وفكر

الكهرباء في عدن.. عقوبة جماعية برعاية حكومية وصمت التحالف

كتب/مناف الكلدي



في سوريا، وفي غضون أشهر قليلة، تم توقيع اتفاقيات كبرى في مجال الكهرباء، وقريبًا ستصبح دولة مصدّرة للطاقة بحسب الاتقاق الذي وقعته سوريا الشرع مع دولة قطر، أما نحن، وبعد عشر سنوات من المعاناة، لم تستطع الحكومات المتعاقبة الفاسدة والعاجزة إقناع التحالف بتوقيع اتفاق واحد لحل أزمة الكهرباء!

الأمر لم يعد مجرد عجز أو تقصير، بل يبدو أنه تمييز مقصود ضد الجنوب، فالمستفيد الأول من تحسن الكهرباء هم أبناء عدن ومحافظات الجنوب ولهذا تستمر الحكومة في سياسة العقاب الجماعي، تمامًا كما فعلت سابقًا حين رفضت نقل قطاع الاتصالات منذ بدء الحرب، ورفضت نقل مقار المنظمات الدولية إلى العاصمة عدن. الوقائع كثيرة وتؤكد هذا النهج المتعمد.

نعلم جميعًا أن هذه الحكومة فاسدة وفاشلة، لكن العتب الكبير على الشقيقة السعودية، التي رغم علمها بحقيقة هذه الحكومة، استمرت في احتضانها لعشر سنوات، بل وتسلمها الودائع المالية وهي تعلم يقينًا أنها تذهب إلى جيوب حفنة من اللصوص! ومع ذلك، تواصل الإصرار على دعمها!

السؤال الأهم: لماذا لا لم يعمل التحالف على خلق نموذج ناجح في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب؟
صدقوني، لو وُجد نموذج يُحتذى به في العاصمة عدن، ينعم فيه الناس بالكهرباء والخدمات، فإن سكان صنعاء سيثورون ضد الحوثي من داخل العاصمة اليمنية، دون الحاجة إلى حرب. المقارنة وحدها كفيلة بإسقاطه أو دفعه للرضوخ لأي معادلة يتم فرضها.

وهنا لا نريد أحد أن يفهم كلامنا على أنه هجوم على التحالف أو تحاملا عليه، فنحن معه وسنبقى معه، لكن من وقف مع التحالف وحرر أرضه ودافع عنها وقدم أول نصر عربي على المشروع الفارسي، يستحق وقفة صادقة وجادة، خصوصًا في ملف الخدمات، وهو أمر ليس مستحيلًا.

وللإنصاف، السعودية مشكورة أنشأت مستشفى الأمير محمد بن سلمان في العاصمة عدن، والذي شكّل فارقًا حقيقيًا وخفف من معاناة الناس، بمواصفات عالمية وإدارة سعودية محترفة. هذا المشروع وحده جعل الناس تدعو للمملكة ليل نهار، فكيف الحال لو تم تنفيذ مشروع كهرباء مشابه بإشراف سعودي مباشر؟
ونحن نعلم يقينًا أن أي مشروع يُسند إلى هذه الحكومة لن يصمد طويلًا، وسيواجه المصير ذاته الذي واجهته الودائع المالية، التي تبخّرت كما يذوب الملح في الماء، دون أن يعلم أحد أين ذهبت، وكأن مثلث برمودا ابتلعها!
أما إذا تولّت السعودية تنفيذ المشروع بشكل مباشر، بعيدًا عن أيادي الفساد اليمنية، فسيكون مشروعًا ناجحًا ومؤثرًا، يخلّده الناس في ذاكرتهم كشاهد حقيقي على الشراكة الصادقة، تمامًا كما حدث مع مستشفى الأمير محمد بن سلمان الذي أصبح نموذجًا يُحتذى به.
الإمارات أيضًا مشكورة، فقد أنجزت مشروع طاقة شمسية بقدرة 120 ميجا، ووقّعت مؤخرًا اتفاقًا مع السلطة المحلية في العاصمة عدن لإنشاء محطة جديدة بنفس القدرة السابقة، ورغم ذلك، نأمل أن تتوسع هذه المشاريع لتُحدث حلًا جذريًا ونهائيًا لأزمة الكهرباء في العاصمة عدن.

عدن تستحق الكثير والكثير، فهي قدمت خيرة رجالها في سبيل الحياة الكريمة.
يا تحالف، امدوا يدكم لها.
ويا مجلسنا الانتقالي، شدوا السواعد واعملوا بجد لأجل عاصمتنا، فهي تستحق الأفضل دائمًا.

أما الحكومة، والمجلس الرئاسي بهذه التشكيلة المسيطر عليها من قبل العليمي والنخب اليمنية فلا جدوى من مناشدتهما، لأنهما ببساطة من يقفون خلف كل هذا الألم، ويتعمدون إبقاء الأوضاع على ما هي عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى