الخوف من التغيير مأزق الدولة في المنطقة العربية!!..

بقلم د. وليد ناصر الماس.
هل تفكك الولايات المتحدة الأميركية أو تراجع نفوذها السياسي لأي سبب كان، ممكن أن يقود إلى وجود أمة عربية متماسكة وقوية، بعد كل هذا الضعف والهوان الذي بلغته؟.
قد يظن هكذا أكثر أبناء الأمة، إذ يرجعون مشاكل بلدان منطقتهم العربية للمؤامرات والتدخلات الخارجية.
مشاكلنا في المنطقة العربية مشاكل فكرية وعقدية، وتاريخها قديم ويرجع إلى ما قبل الكشوفات الجغرافية ذاتها وظهور مسمى الأمريكيتين.
لقد تعرضت المنطقة العربية قبل ظهور الاستعمار الغربي ونتيجة لتشرذمها، لهيمنة السلطنة العثمانية لقرون عدة، وكان ذلك من أبشع مظاهر الاستعمار القديم، كما حُكمت بلدان المنقطة قبل ذلك التاريخ من قبل عوائل عديدة، وتعاقبت على ظهرها دويلات كثيرة غير مستقرة، تتصارع في سبيل النفوذ والسلطة.
لو افترضنا جدلا سقطت الولايات المتحدة في أتون الفوضى، وتشظت دول الاتحاد الأوروبي، وتفكك حلف الناتو، كيف يمكن لنا تصور مستقبل أمتنا العربية عندئذ؟. وهل يمكن أن تشهد أقطارها تقاربا؟. وما فرص قيام نهضة حقيقية ملموسة في المنطقة؟.
بالطبع لا جديد يمكن التعويل عليه في ضوء متغيرات كتلك، فالأصل في مشاكل أمتنا ليس في وجود أعداء لها، ولو أن ذلك واحد من الأسباب الطبيعية، ولكن المعضلة الحقيقية تكمن في التخلف بمفهومه الواسع الضارب أطنابه في ثقافة ووعي أبناء الأمة، إذ ما زالت شعوبنا غارقة في مستنقع الجهل، وتُنظر لآلية الحكم على أنها حق حصري لبعض الأسر والسلالات دون غيرها، لا يجوز منازعتها، كما يُعتقد بمفهوم الاصطفاء الإلهي لبعض العوائل والطبقات الاجتماعية، ورفض المعايير العلمية والمنطقية، وما يترتب على تلك النظرة القاصرة من منح امتيازات وحقوق دون وجه حق لطبقات وجماعات بعينها. كما تبرز بين الفينة والأخرى جماعات تؤمن بالعنف، وترى الحكم من منظورها الضيق القائم على أدوات الترهيب والقوة، ومع ذلك فإن مثل هذه الدعوات على غرابتها تلقى قبولا وترحابا في أوساط مجتمعاتنا، وهذا من أسرار تأخرنا، وربما سيستمر هذا الواقع غير الطبيعي لقرون قادمة، ما لم ننفض عن كواهلنا غبار الجهل والتخلف، والخوف من التغيير، ونبدأ في خطوات إصلاحية حقيقية تسهم في إرساء مداميك دولة مدنية عادلة، يتساوى الجميع في ظلها.