رآي وفكر

نحو كيان سياسي أكثر شمولاً وفاعلية: إعادة هيكلة المجلس الانتقالي لقيادة مشروع الدولة الجنوبية

بقلم /عصام عبده علي

في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها الإقليم والعالم، تبرز الحاجة الملحة لهيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه الممثل السياسي للقضية الجنوبية، والساعي إلى تحقيق تطلعات شعب الجنوب في استعادة دولته المستقلة على كامل حدودها المعترف بها قبل وحدة عام 1990.

أولاً: متغيرات محلية وإقليمية تفرض إعادة التقييم

تمر القضية الجنوبية بمرحلة مفصلية، وسط تفاقم الأزمات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وتصاعد دور الفاعلين الإقليميين في رسم خريطة التوازنات في اليمن. ومع بروز قوى جنوبية أخرى تسعى للدخول على خط القرار، بات من الضروري على المجلس الانتقالي أن يعيد النظر في بنيته السياسية والتنظيمية، ويعمل على توسعة المشاركة السياسية وضمان الشمولية والكفاءة في تمثيل الجنوب بجميع مكوناته.

ثانيًا: الهيكلة كضرورة لإدارة المرحلة القادمة

إن أي مشروع وطني بحجم مشروع استعادة الدولة لا يمكن أن ينجح دون وجود مؤسسة سياسية محكمة التنظيم قادرة على التفاعل مع متطلبات الداخل وتحولات الخارج. ولهذا فإن هيكلة المجلس الانتقالي يجب أن تراعي الأمور التالية:

توسيع قاعدة التمثيل السياسي ليشمل الطيف الجنوبي بكافة مكوناته الاجتماعية والجغرافية والمهنية.

تفعيل الأجهزة الرقابية والمؤسساتية داخل المجلس لضمان الشفافية والمحاسبة، وتعزيز الثقة الشعبية.

ضخ دماء جديدة من الكفاءات الشابة والكوادر المؤهلة القادرة على مواكبة التحولات الحديثة في العمل السياسي والدبلوماسي.

إعادة توزيع المهام والأدوار داخل الهيئات والدوائر بما يضمن الفاعلية وتقليل التكرار والبيروقراطية.

ثالثًا: مواكبة التحولات الدولية

في الوقت الذي تتغير فيه أولويات القوى الدولية والإقليمية، خاصة مع انشغال العالم بملفات الطاقة والتجارة والممرات البحرية، فإن الجنوب العربي – بما يمتلكه من موقع استراتيجي وثروات طبيعية – يعود إلى واجهة الاهتمام. ويجب على المجلس الانتقالي أن يكون بمستوى هذا التحدي عبر:

بناء خطاب سياسي مرن ومقنع يعكس تطلعات الشعب الجنوبي بأسلوب يحترم الشرعية الدولية ويستند إلى مبادئ القانون الدولي وحق تقرير المصير.

تعزيز الدبلوماسية الخارجية، وذلك عبر كوادر متخصصة ومؤهلة قادرة على التواصل مع المؤسسات الدولية والرأي العام العالمي.

التعامل الذكي مع التحالفات الإقليمية، بما يضمن استمرار الدعم دون التفريط في الثوابت الوطنية الجنوبية.

رابعًا: تحقيق الاستحقاق الجنوبي

إن استعادة الدولة الجنوبية لم يعد حلمًا بعيد المنال، بل هو استحقاق مشروع تدعمه تضحيات جسام قدمها شعب الجنوب، ويتطلب في المقابل:

بناء مؤسسات جنوبية قوية على الأرض في المجالات الأمنية، الإدارية، والاقتصادية.

تهيئة المجتمع الجنوبي سياسيًا وثقافيًا لتقبل مرحلة الدولة المنشودة بروح مدنية وديمقراطية.

الاستعداد لخوض مفاوضات سياسية حاسمة قد تتطلب مرونة تكتيكية وصلابة في الثوابت الوطنية.

خاتمة:

إن هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي لم تعد خيارًا تنظيميًا داخليًا فحسب، بل صارت ضرورة وطنية تتطلبها المرحلة الراهنة من النضال الجنوبي. فبناء كيان سياسي حديث وفاعل قادر على قيادة مشروع استعادة الدولة يتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، والجرأة في تجديد أدوات العمل، والانفتاح على الجميع بروح وطنية مسؤولة. ومع هذه الخطوات، يصبح الجنوب أقرب من أي وقت مضى إلى استعادة دولته، وتحقيق تطلعات شعبه في الحرية والسيادة والكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى