اخبــار محليـة

البنك المركزي في عدن.. غياب الدور وغياب الرقابة

بقلم ✍️ سمير الوهابي

منذ انتقال البنك المركزي اليمني إلى عدن قبل نحو عقد، لا يزال أداء المؤسسة النقدية الأهم في البلاد يعاني من ارتباك واضح، وسط غياب الرؤية الاقتصادية المتماسكة، وتدهور مستمر في سعر الصرف، وفوضى في قطاع الصرافة، رغم كل المحاولات الرسمية لإنقاذ الموقف.

في المقابل، يلاحظ المواطن أن مناطق سيطرة الحوثيين في صنعاء تشهد استقراراً نسبياً في سعر الصرف، وانضباطاً واضحاً في السوق النقدي، ما يثير تساؤلات مشروعة: لماذا لا تشهد صنعاء مضاربات حادة كما هو الحال في عدن؟ ولماذا تبقى الأسعار هناك أكثر تماسكًا رغم الحرب والحصار؟

الفرق بين التجربتين، وإن كانت كلتاهما تفتقر إلى أسس اقتصادية متكاملة، يكمن في طريقة إدارة الملف النقدي: ففي صنعاء، هناك (قبضة مركزية صارمة على السوق، وتحكم شبه كامل في حركة الأموال وشركات الصرافة) ، بينما في عدن يسود التراخي والانقسام المؤسسي، وتُترك السوق للعرض والطلب والمضاربات اليومية.

البنك المركزي في عدن لم ينجح حتى اليوم في بناء ثقة المواطن، أو تحقيق استقرار حقيقي. فالقرارات غالباً ما تكون متأخرة، والحلول ترقيعية، وتفتقر إلى المتابعة والتنفيذ. كما أن طباعة العملة بدون غطاء، وغياب التنسيق مع الحكومة، عمّقا الانهيار الاقتصادي، وأفقدا البنك قدرته على التأثير.

والسؤال الأهم هنا: أين دور محافظ البنك المركزي الدكتور أحمد غالب المعبقي؟ ما البدائل التي قدمها منذ توليه المنصب؟ وهل يمتلك رؤية واضحة للخروج من هذا التدهور؟ أم أن الأمر لا يتجاوز إدارة يومية غير قادرة على ضبط السوق أو كبح الانهيار؟

وفي هذا السياق، تبرز أيضاً فوضى شركات الصرافة التي أصبحت أشبه بـ”دكاكين مالية” تعمل خارج أي رقابة حقيقية من قبل البنك المركزي في عدن. فهل تخضع هذه المحلات لإشراف فعلي؟ أم أنها تواصل العبث بالسوق وتحديد الأسعار وفق مصالحها اليومية دون محاسبة أو ضبط؟

إن المطلوب اليوم ليس فقط ضخ عملة جديدة أو تثبيت سعر صرف وهمي، بل إعادة هيكلة شاملة للبنك المركزي في عدن، وفرض رقابة صارمة على قطاع الصرافة، وإعادة الاعتبار لدور الدولة في قيادة السياسة النقدية، إن أردنا إنقاذ ما تبقى من قيمة العملة الوطنية.
.
الصورة حقيقة لواقع البنك المركزي اليمني – محافظة عدن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى