رآي وفكر

هائل سعيد أنعم.. حين يتجرأ رأس المال على الدولة ويصمت أمام مليشيا الحوثي

بقلم/ مناف الكلدي

لم يكن مستغربًا أن تخرج مجموعة هائل سعيد أنعم ببيان ترفض فيه صراحة الالتزام بقرار الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولايا والقاضي بخفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، رغم تحسن سعر صرف العملة المحلية. فالمجموعة التي رسّخت مكانتها لعقود بوصفها “شريك التنمية”، تبدو اليوم وكأنها تخلع هذا الرداء، وتتموضع فوق الدولة، لا داخلها.

البيان الصادر عن المجموعة لم يكتفِ بالتشكيك في وجاهة القرار الحكومي، بل أعلن بشكل لا يخلو من الاستعلاء أن عملية التسعير ستتم “وفقًا لرؤية المجموعة”، لا وفقًا لتوجيهات الدولة أو متطلبات المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد. في بلد يعاني أكثر من نصف سكانه من انعدام الأمن الغذائي، يبدو هذا الخطاب فظًا، منفصلًا عن الواقع، وغير أخلاقي.

لكن المثير للسخرية – والمرارة – أن هذه المجموعة ذاتها، التي تتحدّى قرارات الشرعية، لم تنبس ببنت شفة حين اقتحم الحوثيون بنك التضامن التابع لها في صنعاء، وصادروا معداته وسيرفراته، وجمّدوا أرصدته. لم نسمع حينها عن “رؤية خاصة”، ولا عن “تقييم تجاري”، ولا حتى عن اعتراض أو شكوى قانونية.

فلماذا هذا الصمت المطبق أمام سلطات الأمر الواقع في صنعاء، وهذا التجرؤ على الحكومة المعترف بها دوليًا؟
هل السبب هو غياب الردع؟ أم أن حسابات الربح والخسارة جعلت المجموعة تفضّل الخضوع لمنطق القوة، والتجبر على من تبقّى من مؤسسات الدولة؟

من المؤسف أن تتحول مؤسسة تجارية بهذا الحجم من شريك وطني إلى كيان فوق الدولة، يحدّد ما يشاء ويفرض شروطه، دون أن يلتفت لملايين المستهلكين الذين يتكبدون يوميًا كلفة الجشع والاحتكار.

ما لم تُحسم هذه المعادلة المختلّة، فإن الدولة ستخسر ما تبقى من هيبتها، وسيفقد المواطن ثقته بأي وعود بالإصلاح. فالسوق – كما السياسة – لا تحتمل فراغ السلطة، وإذا لم تكن الدولة حاضرة، فسيملأ التجار الفراغ، ولكن لصالحهم وحدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى