شبكة تهريب الذهب وغسيل الأموال لصالح الميليشيات في عدن

الجنوب ألاين|خاص
معرض الفقي للذهب والمجوهرات وشركة العمقي للصرافة في صدارة الاتهامات
كشفت وثائق رسمية وتحقيقات أمنية أولية، حصلت عليها مصادر موثوقة، عن وجود شبكة فساد وتهريب منظم تعمل في قلب العاصمة المؤقتة عدن، تورطت فيها محلات ذهب وشركات صرافة، تتصدرها شركة العمقي للصرافة ومعرض الفقي للذهب والمجوهرات، في عمليات مالية وتحويلات بمبالغ ضخمة، تم التأكد في ارتباطها بجرائم غسيل أموال وتهريب العملة والذهب إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بغطاء وحماية من شخصيات أمنية رفيعة المستوى ساعدت في الإفراج عن المتهمين وإغلاق ملفات التحقيق.
⸻
تحويلات مشبوهة: أرقام صادمة خلال 4 أشهر
الوثائق تكشف تنفيذ تحويلات مالية تجاوزت:
• 100 مليون ريال سعودي
• 7 ملايين دولار أمريكي
• 3 ملايين درهم إماراتي
وذلك في أقل من أربعة أشهر خلال عام 2021، عبر شركة العمقي للصرافة، من وإلى فروع باسم مالك معرض الفقي للذهب والمجوهرات في عدن وحضرموت (وصنعاء وتعز الحوبان ، المكلا، الشحر، سيئون ).
عند استدعاء مالك المعرض، نفى أن تكون هذه الأموال من أملاكه، مدعيًا أنها “عمولات مقابل تهريب بري”، بينما لم تكشف شركة الصرافة عن مصدر تلك الأموال، والتي أثبتت التحقيقات تهريبها إلى مناطق الحوثيين.
⸻
بدء التحقيق… ثم التعتيم والتضييق
نجحت تحريات البحث الجنائي في تتبع خيوط القضية، وكشفت حجم النشاط غير المشروع في سوق الذهب، لتبدأ الادارة العامة للبحث تحقيقًا رسميًا.
لكن سرعان ما توقف التحقيق فجأة، بعد ضغوط من شخصيات أمنية نافذة، قدمت غطاءً كاملاً للمتهمين وسعت لتمييع القضية مقابل رشاوى مالية ضخمة.
بل وتم سجن بعض العناصر الأمنية الذين كشفوا الخيوط الأولية للقضية، بعد تلقي الشركة والمعرض لمبالغ مالية مقابل إسكاتهم، بحسب ما تؤكده مصادر مطلعة.
⸻
تجاوزات قانونية وتراخيص مضللة
تشير الوثائق إلى أن معرض الفقي للذهب والمجوهرات، ورغم ترخيصه كمحل تجزئة محلية، مارس أنشطة تصدير واستيراد للذهب بكميات ضخمة، بدون التراخيص اللازمة.
وتشمل أبرز المخالفات:
• تصدير 95 كجم واستيراد 85 كجم من الذهب خلال عامي 2021 و2022 عبر مطار عدن الدولي، رغم انتهاء صلاحية التراخيص مطلع 2021.
• تناقض واضح في السجلات، حيث يشير السجل التجاري إلى “تجزئة وجملة”، في حين أن الترخيص لا يسمح إلا بالبيع بالتجزئة.
• الوكيل القانوني للمعرض يمارس نشاط استيراد وتصدير بالجملة، رغم أنه مرخص لتجارة عامة فقط، في مخالفة صريحة للقانون.
⸻
دور شركة الصرافة: التمويه المالي
أظهرت الوثائق أن شركة العمقي للصرافة مررت أغلب التحويلات المشبوهة، عبر فروعها المختلفة، دون تقديم أي توثيق لمصدر الأموال أو طبيعة العلاقة التجارية.
ويؤكد خبراء ماليون أن نمط الحوالات المتكرر وغير المبرر يرقى إلى مؤشر قوي على غسيل الأموال وتمويل غير مشروع.
⸻
أين رقابة الدولة؟
رغم أهمية الرقابة في ظل الحرب وتمويل الجماعات المسلحة، تؤكد هذه القضية أن بعض القيادات الأمنية كانت شريكًا في التستر على شبكة التهريب، بل ومارست القمع ضد من حاولوا كشف الحقيقة.
ويحذر مراقبون من أن هذا التواطؤ يشكل:
“خطرًا مباشرًا على الأمن القومي والاقتصاد، ويُكرّس الإفلات من العقاب وسط انهيار مؤسسات الدولة.”
⸻
صمت النقابة… أو شراكة خفية؟
أحد أبرز ما كشفته الوثائق، هو إقرار رئيس نقابة صاغة الذهب بعدن بمشاركة “ياسر الفقي” في عمليات تصدير الذهب عبر مطار عدن، رغم غياب التراخيص القانونية.
هذا الصمت – وربما التواطؤ – أثار أسئلة مشروعة:
• هل أصبحت النقابة جزءًا من شبكة التغطية؟
• أم أن دورها الرقابي غائب تمامًا عن سوق الذهب؟
⸻
دعوات لفتح تحقيق مستقل
في ظل تفجر هذه الفضيحة، تتعالى الأصوات الحقوقية والشعبية للمطالبة بـ:
• تحقيق قضائي مستقل وشفاف.
• إشراف مباشر من النيابة العامة دون تدخل سياسي أو أمني.
• محاسبة شاملة لكل من تورط، من القيادات الأمنية إلى شركات الصرافة والمعارض المخالفة.
ويحذر اقتصاديون من أن السكوت عن هذه القضايا يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويهدد بنسف ما تبقى من منظومة الدولة الاقتصادية والرقابية.
⸻
ازدواج ومخالفات
أظهرت الوثائق أيضًا أن مالك معرض الفقي للذهب والمجوهرات يمتلك من الباطن محل صرافة يحمل اسم “المستقبل” في منطقة البساتين – عدن، في مخالفة واضحة وصريحة لقانون البنك المركزي اليمني، الذي يمنع الجمع بين نشاط الصرافة والنشاط التجاري العام.
هذا التزاوج غير القانوني بين تجارة الذهب والتجزئة وبين نشاط الصرافة يُعد انتهاكًا مباشرًا للتشريعات المالية المنظمة، ويضع صاحب العلاقة تحت طائلة المسؤولية القانونية والجنائية.
“لا يجوز لأي شخص طبيعي أو اعتباري مرخص له في نشاط تجاري عام أن يمتلك أو يشارك أو يدير أو يؤسس نشاطًا للصرافة إلا بموجب ترخيص منفصل وبشروط واضحة تحددها لوائح البنك المركزي.
كما أكدت التحقيقات والوثائق الرسمية، إلى جانب اعتراف أحد المتهمين، أن كميات من الذهب تم تهريبها من عدن إلى مناطق الحوثيين وبيعها هناك، بينما تم تحويل قيمتها لاحقًا إلى حسابات المتهمين في عدن عبر صرافين محليين، وعلى رأسهم شركة العمقي للصرافة.
هذا الأسلوب يُعد نموذجًا لعمليات غسل الأموال بالتهريب العكسي، حيث تُستلم العوائد من جهة مختلفة لتمويه مصدر الأموال، في مخالفة صريحة للوائح مكافحة غسل الأموال
الوثائق تحت المجهر:
• تحويلات بمبالغ تتجاوز 110 مليون ريال سعودي وملايين من العملات الأجنبية.
• نشاط تصدير واستيراد للذهب دون ترخيص.
• سجلات تجارية مضللة وتراخيص مخالفة للواقع.
• حماية من شخصيات أمنية نافذة.
• صمت النقابة ومشاركة محتملة.
• مراسلات ضاغطة لإيقاف التحريات و”دفن الملف”.
مراسلات تكشف ضغوطًا مارستها أطراف أمنية عليا لطمس الحقائق، ومقايضات مالية لإغلاق الملف.
⸻
هذه القضية ليست مجرد عملية تهريب، بل تعكس صورة صادمة لدولة مخترقة من الداخل، حيث تسيطر المصالح المالية والنفوذ الأمني على القرار، وتُباع العدالة في المزاد.
إنها نموذج مكرر لما يحدث حين تضعف مؤسسات الدولة، وتُصبح حماية الفاسدين أكثر أهمية من حماية الوطن.
وما خفي أعظم… وسنكشف المزيد في الحلقات القادمة، مدعومًا بالوثائق والمراسلات