رآي وفكر

“لو فيها خير ما تركها يهودي”

بقلم علي سيقلي

منذ أن انتشرت إشاعة “الخزنة الحديدية” المقفلة في أحد محلات أبناء طائفة البهرة بمدينة عدن، تحول الحي إلى ما يشبه موقع حفر أثري، ولكن بلا علماء، فقط “مجموعة قتلها الشجن”.
فجأة استيقظت الأجهزة الأمنية من سباتها، وخرجت العسس من جحورها، وتحركت سيارات لا تتحرك عادة إلا في حالات فيها رزق، والرزق يحب الخفية أما السبب فهو “خزنة”.

الخزنة التي ظلّت صامتة عقوداً من الزمن، قررت أن تثير شهية “جماعة مفلسة، بلا راتب”، ما صدّقت أن القدر وضع بين يديها قصة من قصص الذهب المفقود، فكل واحد فيهم صار يرى نفسه وارثاً شرعياً لـ “كنز اليهودي”.

وبعد ساعات من محاصرة “الضحية المعدنية”، تم استدعاء “خبراء فتح الخزائن” من ذوي السوابق الطويلة في هذا المجال، لا لشيء، فقط لأنهم الأكثر خبرة في “فتح الخزن وكسرالأقفال”
وبعد شدّ وسحب ومرمطة، وطرقات تشبه مشهد فتح “باب إفتح يا سمسم” في المسلسل إياه، فُتحت الخزنة.
وأخيراً، عمّ الصمت.

لا ذهب، لا مجوهرات، لا آثار، لا شيء سوى ورقة مالية قديمة وكشف ديون ليهودي من زمن كان فيه “الدين أكرم من الصراف”، مكتوب فيها وصية:
“من يجد هذا الدفتر، أستحلفه بالتوراة والزبور وهذا الدفتر “أبو بيستين” الذي بين يديه أن يسدد الديون لوجه الله”.

الديّانون جميعهم ماتوا. الورثة هاجروا. والوصية أصبحت مثل فاتورة مطعم نُسيت على الطاولة.
أما الواقفون على باب الخزنة، فقد اكتشفوا أنهم كانوا طوال الوقت يطاردون وهمًا. وبدلاً من تقاسم الذهب، تقاسموا “الخيبة”.

المضحك المبكي أن المعركة الآن ليست على محتوى الخزنة، بل على من سيدفع لمن كسر قفل الخزنة “أجرة فتحها”.
كل واحد فيهم يريد أن “يبلّغ عن الآخر”، لا حباً في العدالة، بل تهرباً من دفع ثمن مغامرة انتهت بورقة ميتة.
خزنة اليهودي علمتنا درساً مهماً:
في عدن، إذا وجدت خبارة، فلا تخبر عنها فتحي بن لزرق، وتأكد باليقين أن الموضوع سيتحول بقدرة فاعل إلى “مسلسل مكسيكي” ومقلب من مقالبه المعتادة.
أما الذهب الحقيقي، فهو في عيون المهابيل الذين صدقوا الحكاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى