لغز المنطقة العسكرية الأولى.

بقلم . سعيدالنخعي
ماذا تَفْعَلُ قُوَّاتُ المِنْطَقَةِ العَسْكَرِيَّةِ الأولى في سَيْؤُونَ؟ وماذا يَنْتَظِرُها في قادِمِ الأَيَّامِ؟ وهل هي قُوَّاتٌ وَطَنِيَّةٌ مِن حَيْثُ التَّصْنِيفُ القَانونِيُّ، أَمْ قُوَّاتٌ حِزْبِيَّةٌ جهوية مذهبية بِبِزَّةٍ عَسْكَرِيَّةٍ؟
مَهمَّةُ الجَيْشِ في أَيِّ بَلَدٍ هي حِمايَةُ الشَّرْعِيَّةِ الدُّسْتُورِيَّةِ داخِلِيًّا، والدِّفاعُ عن السِّيادَةِ الوَطَنِيَّةِ مِن أَيِّ اعْتِداءٍ خارِجيٍّ. فَهَلْ تَنْطَبِقُ أَيٌّ مِن هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ على هذِهِ القُوَّاتِ؟ هل وُجودُها لِفَرْضِ سُلْطَةِ القَانونِ، أَمْ أَنَّها شَرِكَةٌ أَمْنِيَّةٌ مُتَعَهِّدَةٌ بِحِمايَةِ المَصالِحِ النِّفْطِيَّةِ لِحِسابِ الشَّرِكاتِ الدُّوَلِيَّةِ؟ أَمْ حارِسٌ مُتَوافَقٌ عَلَيْهِ لِخِدْمَةِ مَصالِحِ «الهَضْبَةِ»؟ أَمْ بَقايا فُلُولِ «جَيْشِ 7/7»؟ فَالإِجابَةُ مُهِمَّةٌ جِدًّا لِمَعْرِفَةِ تَوْصِيفِها وَتَحْدِيدِ مَهامِّها.
فَإِنِ افْتَرَضْنَا ـ جَدَلًا ـ أَنَّ هذِهِ القُوَّاتِ ذاتُ عَقِيدَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ وَطَنِيَّةٍ، فَلِماذا غابَتْ حِينَ سَقَطَتْ عاصِمَةُ الدَّوْلَةِ في المَرَّةِ الأُولَى؟ وحِينَ اجْتاحَ الحُوثيُّونَ كُلَّ المُحافَظاتِ اليَمَنِيَّةِ؟ وأَخِيرًا، لِماذا ظَلَّتْ في مَوْقِفِ المُتَفَرِّجِ طِوالَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وكَأَنَّ الأَمْرَ لا يَعْنِيهَا؟
يَعْلَمُ الجَمِيعُ أَنَّ هذِهِ القُوَّاتِ مِن ذَوِي البَشَرَةِ الحَمْراءِ، يَذْهَبُونَ ويَعُودُونَ إلى مَناطِقِهِم الَّتِي تَقَعُ تَحْتَ سَيْطَرَةِ الحُوثِيِّ، ولا يَتَعَرَّضُ لأَيٍّ مِنهُم قادَةٌ أَوْ أَفْرادٌ، بَيْنَما يَتِمُّ القَبْضُ على أَيِّ عَسْكَرِيٍّ مِن المُحافَظاتِ الجَنُوبِيَّةِ حَتَّى وإنْ كانَ لا يَعْرِفُ مَكانَ وَحْدَتِهِ. فِكْرٌ عَمِيقٌ، فَلا تَكُنْ مِن ذَوِي العُقُولِ المُتَعَصِّبَةِ، أَوْ مِن ذَوِي العُقُولِ الـمُلَحَّمَةِ.
لِماذا لَمْ تَتَدَخَّلْ هذِهِ القُوَّاتُ في أَيِّ صِراعٍ شَرْعِيٍّ ـ حُوثِيٍّ، أَوْ شَمالِيٍّ ـ شَمالِيٍّ، وحَصَرَتْ مَهَمَّتَها في إِذْكاءِ الصِّراعِ الجَنُوبِيِّ ـ الجَنُوبِيِّ؟ وخَيْرُ مِثالٍ على ذلك إِمْدادُ القُوَّاتِ الشَّرْعِيَّةِ في مَعَارِكِ عَدَنَ، والشَّيخِ سالِم، وقَرْنِ الكَلاسِي. فإِذا كانَ دِفاعًا عن الشَّرْعِيَّةِ، فَلِماذا لَمْ تَتَدَخَّلْ هي بنفسها؟
الَّذِينَ أَدانُوا دُخولَ القُوَّاتِ الجَنُوبِيَّةِ إلى حَضْرَمَوْتَ، أَعْتَقِدُ أَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ على إِطْلاقِهِ؛ فَالمَسْأَلَةُ فيها تَفْصِيلٌ، والشَّيْطانُ يَكْمُنُ في التَّفاصِيلِ. والتَّفاصِيلُ وَحْدَها قادِرَةٌ على تَعْرِيَةِ الحَقِيقَةِ لِيَفْهَمَها ذَوُو العُقُولِ الـمُلَحَّمَةِ الَّذِينَ يُصِرُّونَ على الجِدالِ تَحْتَ عَناوِينِ مُبْهَمَةٍ خَوْفًا مِن الفَضِيحَةِ.
أَمَّا مَصِيرُ هذِهِ القُوَّاتِ، فَهُوَ مَصِيرُ جَيْشِ الجُمْهُورِيَّةِ؛ الَّذِي تَمَّ حَلُّهُ دونَ قَرارٍ مُعْلَنٍ، على طَرِيقَةِ حَلِّ الجَيْشِ العِراقِيِّ واجْتِثاثِ «البَعْثِ» في العِراقِ. ومَن يُكَذِّبُ فَلْيَسْأَلْ نَفْسَهُ: أَيْنَ اخْتَفَتِ الأَسْلِحَةُ الثَّقِيلَةُ مِن كُلِّ المَعسْكِرِات اليَمَنِيَّةِ، ابْتِداءً مِن صَنْعاءَ نُزولًا حَتَّى بَحْرِ العَرَبِ؟ مَعْلومٌ أَنَّ أَيَّ مَعْرَكَةٍ إِمَّا يَنْسَحِبُ المَنْهَزِمُ بِعُدَّتِهِ، أَوْ يَغْنَمُها المُنْتَصِرُ، أَوْ تُدَمَّرُ. والسُّؤالُ الَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ، ويَحْتاجُ إِعْمالَ كُلِّ العُقُولِ ـ بما فيها العُقُولُ الـمُلَحَّمَةُ ـ هو: أَيْنَ أَسْلِحَةُ الجَيْشِ اليَمَنِيِّ الثَّقِيلَةُ؟ وأَيْنَ تَبَخَّرَتْ؟ طالَما أَنَّها لَيْسَتْ في حَوْزَةِ المَنْهَزِمِ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِها المُنْتَصِرُ، وَلَمْ يُعْثَرْ على حُطامِها!
هَلْ آنَ الأَوَانُ لِكَفْكَفَةِ المِنْطَقَتَيْنِ العَسْكَرِيَّتَيْنِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ، لِتَلْقَيَا مَصِيرَ خَمْسِ مَنَاطِقَ عَسْكَرِيَّةٍ قَبْلَهُمَا؟ الأَيَّامُ القَادِمَةُ كَفِيلَةٌ بِالإِجابَةِ.




