رآي وفكر

حين يقتل الشرف ليحيا العار

بقلم:الدكتور/ قاسم الهارش.

حين يذبح الشرف على أيدي أبنائه ويحاصر الحق بسيوف الباطل ندرك أن العار لم يعد طارئا على حياتنا بل صار سيدا يحكم واقعنا.
التاريخ يخبرنا أن الأوطان لا تسقط من غزو الخارج وحده بل من خيانة الداخل وصمت الناس على الفساد. والواقع الذي نعيشه اليوم يكرر نفس المشهد الذي تحكيه القصة الرمزية قرية داهمها الجنود فاستسلمت نساؤها إلا امرأة واحدة قاومت وواجهت حتى قتلت المعتدي لكن المفارقة أن بنات قريتها اجتمعن عليها وقتلنها حسدا وخوفا من أن تكشف ضعفهن. هذه ليست حكاية أسطورية بل مرآة صادقة لواقعنا المعاصر. فالشرفاء في أوطاننا يحاربون لا لأنهم أخطأوا بل لأن وجودهم وحده يفضح الفاسدين ويكشف زيف المتسلقين. الفاسدون لا يخشون الأعداء بقدر ما يخشون الشريف فالعدو الخارجي ذريعة أما الشريف فهو شاهد حي على خيانتهم وتقاعسهم يذكر الناس أن المقاومة ممكنة وأن الكرامة ليست حلما مستحيلا. لذلك يسارعون إلى عزله وتشويهه وإقصائه حتى لا يبقى ضمير حي ولا صوت حر، إن ما يجري اليوم ليس مجرد خلاف سياسي أو تنافس على مصالح بل معركة فاصلة إما أن نسمح لمنظومة الفساد أن تواصل اغتيال الشرفاء لتبقى الدولة بلا قيم ولا مؤسسات أو أن نقف صفا واحدا لحماية من تبقى من رموز النزاهة والوفاء.
الأوطان لا تبنى بالدجل ولا تدار بالصفقات بل تنهض بدماء الشرفاء وعزائم الأحرار. وإذا كان الفاسدون قد اعتادوا قتل الشرف ليحيا العار فإن واجبنا الوطني والأخلاقي أن نحيي الشرف لندفن العار وأن نعيد للوطن مكانته التي تليق بتضحيات المخلصين لا بخيانات السماسرة وتجار السلطة.
لقد آن الأوان أن نختار هل نكون شهود زور على جريمة اغتيال وطن أم نكون صفا واحدا لكتابة تاريخ جديد عنوانه الشرف يحيا والعار يدفن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى