الإعلامي نبيل اليافعي: جبل راسخ في الوطنية، وبحر زاخر من الوعي والفلسفة

بقلم د. أمين العلياني:
في زمنٍ تتصارع فيه الأيديولوجيات، وتتلوّن المواقف، وتذوب المبادئ في بِحار المصالح الضيقة، ينهضُ رجالٌ يكونون حُجةً على عصرهم وقدوة في مشروعهم، وشواهدَ على إمكانية بقاء المبدأ شامخًا كالجبل الأشم، ومن أولئك الرجال الذين يحملون في قلوبهم شعلة الوطن، وثبات الأرض، وفي عقولهم حكمة الفلاسفة، الإعلامي نبيل اليافعي، الذي تعرفت عليه من منصة أكس وأصبح اسمه مرادفًا للثبات الوطني، ومشروعًا متكاملاً للفكر الواعي والخطاب الحكيم.
إن الوطنية الحقة ليست شعارات تُرفع، ولا عواطفَ تُلهب، بل هي منهج حياة، وعقد أبدي بين الإنسان وترابه وتاريخه ومبادئ وحضور أفكاره والوعي الذي ينير والفكر الذي يفيد. وهنا يبرز دور ما يحمله الإعلامي نبيل اليافعي كنموذج فريد؛ حيث تحولت الوطنية لديه إلى كيانٍ راسخ، لا تهزّه العواصف، ولا تلين معه القناعات التي تتراءى بصلابة لا تعرف الانكسار، ووضوح لا يعرف الالتواء؛ فمواقفه ليست ردود أفعال عابرة، بل هي ثمرة مشروع وطني واضح المعالم، عميق الجذور، يُبنى لبنة لبنة على أساس من الوفاء للهوية والانتماء للجنوب العربي. إنه يقف كحارس أمين على ثوابت جنوبيته العربية، لا يفرط في مبدأ، ولا يتنازل عن قيمة، وكأنه يُخرّج الوطنية من حيز الشعار إلى فضاء الممارسة اليومية، في القول والعمل والموقف والوعي الذي يؤمن به كمشروع ثقافي واجتماعي وعملي.
أما الوجه الآخر لهذه الشخصية الاستثنائية، فهو استراتيجية الوعي التي يحملها في فكره وخطابه؛ فخطابات نبيل اليافعي ليست مجرد كلمات تُلقى، بل هي رحلات فكرية تغرف من بحرٍ واسع من الثقافة، وتنحت من صخر التجارب الإنسانية فلسفةً عميقةً ورؤيةً ثاقبة حتى المتأمل في شخصيته يراه لا يتحدث من فراغ عاطفي، بل من رصيدٍ معرفي هائل، وسياسة حصيفة تزن الأمور بميزان العقل والحكمة، ويتراءى وكأنه يقرأ الواقع بعين الفيلسوف، ويحلله بعقل الاستراتيجي، ويقدمه بلسان الخطيب المؤثر؛ وعيه ليس وعيَ الانعزال والنظر من برج عاجي، بل وعي التفاعل مع هموم شعبه وتطلعاته، واستشراف مستقبله الوطني، مما يجعل خطابه جسرًا بين عمق الفكرة وواقع الممارسة.
ما يجمع بين هاتين الاستراتيجيتين – الوطنية الراسخة والوعي الثري – في شخصية نبيل اليافعي، هو التماسك الداخلي والاتساق بين الباطن والظاهر؛ فهو لا ينفصل عنهما، بل يصهرهما في بوتقة واحدة، ليكون الرجل رمزًا للفعل الوطني الواعي، والفكر المستنير الملتزم. وهو بهذه الخصال يذكرنا أن القيادة الحقيقية لا تُقاس بالمناصب وحسب، بل بالعمق الفكري، والثبات المبدئي، والقدرة على صياغة رؤية تجمع بين حكمة الماضي وطموح المستقبل.
في الختام، يبقى نبيل اليافعي ذلك الجبل الشامخ في سماء الوطنية، والبحر الزاخر الذي لا ينضب معين حكمته وفلسفته؛ فهو يمثل أنموذجًا يُحتذى في زمن الضبابية، ودليلًا عمليًا على أن الوطنية لا تتعارض مع الفكر الرصين، بل هي شقيقته ورفيقة دربه؛ فتحية لإنسان يختزل في مسيرته دروسًا في الوفاء، ويقدم للوطن وأبنائه أنموذجًا حيًا للعطاء الذي لا ينتظر جزاءً ولا شكورًا، سوى ارتقاء الجنوب العربي إلى مصاف الأمم، وتبوء أبنائه مكانتهم التي يستحقونها تحت الشمس.




